وإنك لتلمس الحقيقة كاملة حينما تتطرق لمفهوم السحر، فتجد بعدهم عما يقول القرآن كالبعد الذي بين السماء والأرض وللأسف الشديد دون رد أو أدنى إنتباه. وفي الحقيقة يعتبر السحر النواة الحقيقية والتي يمكنها التحريف الشامل لكل الأحكام الأخرى الموجودة في القرآن، مما أدى ببعضهم في التركيز عليه وتقديم حقائق تظهر للقارئ أنها من القرآن في حين أنها تتنافى معه شكلا ومضمونا. والإتجاه الفكري للإنسان يعتمد على أحد مما يلي : 1/ فمن الناس من يرى أن الحياة هي الإطلاع على العلم بما فيه فتراه شغوفا ملما بكل ما يتعلق به من مفاهيم طوال حياته كما هو شأن العلماء . 2/ ومنهم من يرى أن الحياة هي المال فتراه يجري وراءه لآخر رمق من حياته. 3/ ومنهم من يرى أن الكمال يوجد في القوة ، فيجري وراء رياضة المصارعة باختلاف أنواعها، أو جمع السلاح، أو تعلم أساليب الحيل في القتال... 4/ ومنهم من يرى أن الكماليات تكمن في الجمال، فتراه وراء الألبسة الجديدة وألبسة المودا، والمساحيق والكريمات، وتعلم الرشاقة في الكلام والمشي، ومنافسة النساء على زينتهن، ويتطرق به الأمر حتى إلى الرقص و..... 5/ ومنهم من يرى أن الكمال يوجد في السحر، فيحاول تعلم أساليبه الماكرة والتفنن فيها،ويجري وراء الكتب المتكلمة في هذا الشأن ، ويطبق النظريات أو النصوص المتكلمة عنه، بمختلف الأساليب دون مراعاة لما هو صحيح ولما هو خاطئ. فالإنسان منذ الخليقة وهو يحاول تحقيق رغباته وبلوغ مستوى الكماليات التي يراها إما في العلم، أوالمال، أوفي القوة، أو في الجمال،أو في السحر. ويتعلق الأمر هنا باتجاهه الفلسفي أو بمنظوره للحياة أو باتجاهه الفكري بالمعنى الأصح. العلم والمال والقوة والجمال والسحر هي العناصر المتصارعة مع بعضها لتحقيق رغبات الإنسان والوصول به لقمة الكماليات. غير أن السحر هو النواة الحقيقية لكل الإتجاهات الخمسة المذكورة أي أنه كعنصر ينتمي لكل ما ذكرنا ، أو قاسمها المشترك، فالعلم كان سحرا أي أن السحر كان مصدرا للعلم ، ومن المحاولات السحرية إنبثقت نظريات العلم وحقائقها. والكثير ممن يعتمد على السحر في جمع الأموال،وكثير ممن يتبنون إتجاه القوة في تحقيق رغباتهم عن طريق الإعتماد على السحر، وبالمثل يدخل السحر في وصف أشياء تجعل صاحبها يظهر بمظهر جمالي. ونتيجة لشمولية السحر وطغيانه على الإتجاهات الأخرى ، وانتمائه إلى كل إتجاه، جعلت البعض يميل في مصارعته للمسلمين بضرب ألف عصفور بحجر واحد. ومنه تحريف حقائق القرآن تتم عن طريق تحريف حقيقة السحر نفسها نتيجة لاحتوائه على هذه الخاصية. والكل بمفهومه الصحيح يتكون من أجزاء. وجموعة هذه الأجزاء هي التي تكون الكل. وحقائق الحياة المطروحة في القرآن لم تخرج عن الأجزاء الخمسة المذكورة (العلم، القوة، المال، الجمال، السحر) . إذن فحقائق الحياة تمثل الكل والعناصر المذكورة هي أجزاء لهذا الكل، فيكون لدين شبه معادلة (إن جاز لي هذا التعبير) كالتالي: حقائق الحياة = العلم+المال+القوة+ الجمال+السحر وأنت أيها القارئ تستطيع تحطيم هذا الكل عن طريق تحطيم أحد أجزائه. فتحريف مفهوم السحر كجزء يؤدي إلى تحريف كل الأجزاء المذكورة بدون تردد. ولتوضيح الفكرة أكثر تعال معي إلى حيث يقول الله سبحانه وتعالى:" ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى..." فالحياة ككل بالتعريف الإلهي تتكون من الذكر والأنثى كأجزاء لهذا الكل. فيكون لدينا المعادلة التالية: الحياة= الذكر+الأنثى ولتحطيم الحياة نفسها ككل لابد من تحطيم أحد أجزائها إما الرجل وإما المرأة. ولجأت إسرائيل إلى تحطيم المرأة لأنها تتولى مهام هذه الحياة نفسها أكثر من الرجل باعتبارها مربية ، وما أشرف من التربية التي لم يعطها الله إلا للأنبياء والمرسلين ثم أعطاها للمرأة. ومنه نظرت إسرائيل إلى لزومية تحرير المرأة العربية لتحطيم شخصية العربي على الخصوص وتحطيم شخصية المسلم على العموم. فدافعت عنها في النوادي والمعتمرات، وفي الهيئات الثقافية، وفي الكتب والمجلات والجرائد، والقنوات ، خلقت لها شعراء وأدباء ، وفقهاء من أمثال عمرو خالد، وسلبوها من حريتها الحقيقية التي أعطاها لها سبحانه وتعالى، حيث كانت إلى جانب الأنبياء والمرسلين ، تجاهد بالتربية حتى إلى جانب الرسول ص الذي يقول:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" والقارئ يعرف جيدا أن مكارم الأخلاق هي نفسها التربية المقدسة الشريفة. فانظر كيف زيفوا حريتها وأعطوها حرية الشارع، وانسلخت منها مهمة التربية.
الرئيسية 
أحدث الصور 
الثلاثاء 23 سبتمبر - 5:45
