إن المعطيات العلمية في القرآن والسنة في مختلف فروع العلم متعددة ومتنوعة وتتجه كلها لإقرار حقيقة واحدة كبرى، هي سنة الله تعالى في خلقه وتقديره في ملكوته. وليس في حقائق العلوم شيء إلا وله في القرآن العظيم أصل، وله في السنة المشرفة أساس؛ كما قال تعالى: "ما فرطنا في الكتاب من شيء" (الأنعام: 38).
لقد قال الله تعالى في أول سورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم" (العلق: 1-5). ففي هذه الآية أمر بالقراءة مرتبة، وذُكر العلم ثلاث مرات، وبين القراءة والعلم كان الخلق، إشارة إلى أن الخلق إنما كان على علم. وذكر القراءة الأولى أمراً بالقراءة في كتاب الله المنظور: وهو الكون، وأمر بالقراءة ثانياً في كتاب الله المسطور: وهو القرآن الكريم. فقدم مطالبة الكون على قراءة القرآن، وهذا يشير إلى أنه ينبغي على الإنسان المزمن أن يؤدي عبادته في المسجد صلاة لله تعالى: ثم يخرج من المسجد إلى صلاة أخرى لله تعالى في المعمل أو المرصد أو المختبر فهذه صلاة أخرى لله عز وجل في محراب العلم، فالتدبر العلمي في سنن الله الكونية يجب أن تكون متصلة بتدبر آيات الله في كتابه العزيز، وهذا هو أساس المنهج العلمي لبيان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.