الفساد يلتهم الجزائر (11/10/2008 )

من قضية 26 مليارا إلى فضيحة الخليفة
''الأيادي الطويلة'' والفساد على الطريقة الجزائرية الشفافة

لم تكن قضية الخليفة كواحدة من أكبر قضايا الفساد واختلاس الأموال العمومية والخاصة أكبر صدمة يتجرعها الجزائريون، إلا أنها الوحيدة من بين قضايا الفساد التي تم كشفها وإطلاع الرأي العام على التفاصيل الممكنة عنها، لأن قبلها كانت قضية تحويل وغموض مصير 26 مليار دولار التي كشف عنها الوزير الأول الأسبق عبد الحميد إبراهيمي التي لم تتجاوز الجدل السياسي والإعلامي، وتلتها قضية تقارير الرشوة والفساد التي رفعها رئيس الجمهورية الأسبق الشاذلي بن جديد إلى البرلمان والتي تورط فيها عدد من مسؤولي وإطارات الدولة قبل أن يتم التستر عنها مجددا، إضافة إلى قضية الجنرال بلوصيف الذي قدم كبش فداء عن فساد جيل كامل من رجالات السلطة، ووصولا إلى ملف تحويل العقارات والأراضي الفلاحية التي كشف عنها رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش.
ظلت فضائح اختلاس الأموال والفساد خلال الفترة الأخيرة تسيطر على صفحات الصحف بعد أن أخلت لها الأخبار الأمنية المكان، وتفجّرت قضايا اختلاس البنوك، أهمها فضيحة البنك الوطني الجزائري التي عرفت بقضية ''3200 مليار سنتيم'' والتي كان بطلها عاشور عبد الرحمن، إضافة إلى قضية البنك الصناعي والتجاري الجزائري ''البيسيا''، إضافة إلى قضية بنك التنمية المحلية، وبنك الفلاحة والتنمية الريفية. كما عرف قطاع الفلاحة قضية فساد كبيرة تتعلق بإهدار الملايير في محافظة السهوب مازالت تفاصيلها في التحقيق ويتوقع أن تقطع رؤوس عدد من كبار المسؤولين. كما لم تسلم وكالات ومراكز البريد من الاختلاس أهمها قضية اختلاس مركز بريد الطارف والجلفة ومركز بريد تيبازة بـ4 مليارات ومركز بريد الشرافة بـ7 مليارات. كما عرف قطاع الخدمات الجامعية واحدة من أكبر قضايا الفساد والمتعلقة بصفقة الأفرشة التي كان بطلها المدير العام السابق لديوان الخدمات الجامعية وعدد من كبار موظفيه. كما لم يسلم قطاع العدالة نفسه من قضايا الرشوة والفساد بعد تورط عدد من القضاة.
وإذا كانت الحكومة حريصة على الترويج لخطاب مكافحة الفساد على طريقة تبني الرئيس بوتفليقة لخطاب الحكم الراشد، فإن نواب البرلمان ما فتئوا يطالبون ذات الحكومة بالكشف عن حسابات صرف ميزانية السنة الماضية، خاصة وأن ارتفاع ميزانية الدولة منذ عام 2007 إلى 40 مليار دولار أمريكي لا يوجد له مبرر في الواقع التنموي، بقدر ما يفتح الباب أمام الاغتراف من الأموال العمومية واختلاسها بكثير من الطرق الحديثة والمبتكرة. خاصة وأن الكثير من الهيئات في مختلف المجالات تلجأ إلى اعتماد منح الصفقات بالتراضي خاصة في قطاع الخدمات الاجتماعية والجامعية وبناء المنشآت الرياضية والمؤسسات التعليمية والأشغال العمومية. ما شكل حلقات ومجموعات من المافيا المالية والسياسية.
ودفعت التقارير التي ترفع عن الجزائر بشأن مكافحة الفساد والرشوة منظمة شفافية دولية إلى تصنيف الجزائر ضمن دائرة الدول الأكثر فسادا خلال تقريرها السنوي لعام 2008، وسبقت في هذا الشأن الكثير من الدول الإفريقية التي لا تتوفر على منظومة قانونية كاملة مثل الجزائر أو على هيئات رقابة متعددة. وهو ما يهدر سنوات من الجهد الحكومي باتجاه محاربة الفساد.

منقول من الخبر