الحركة البادسية
مرحبا بكم في منتديات الحركة البادسية
الحركة البادسية
مرحبا بكم في منتديات الحركة البادسية
الحركة البادسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 البابا ضد العلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ياسين
Admin
ياسين


عدد الرسائل : 523
العمر : 33
الأوسمة : البابا ضد العلم Aw110
تاريخ التسجيل : 03/09/2008

البابا ضد العلم Empty
مُساهمةموضوع: البابا ضد العلم   البابا ضد العلم Icon_minitime1الجمعة 24 أكتوبر - 11:32

إيفن كينيو ( Yvon Quiniou ) - ترجمة: محمد صدام - موقع الأوان


يخطئ البابا "بندكت السادس عشر" عندما يؤكّد أنّ العقل الحقيقيّ هو قبل كل شيء دينيّ.
أمام جمع من المثقّفين كانوا مشدوهين وبلا أدنى ردّ فعل نقديّ، تفوّه البابا " بندكت السادس عشر" بثلاثة أقوال استفزّت شعوري كفيلسوف (لا يجاري الإيمان والحقّ يقال).
إنّ الجزم من ناحية أولى بـ"أنّ ثقافة وضعيّة بحتة هي استسلام للعقل" ليس له أيّ معنى. الثقافة المقصودة هنا، أي الثقافة العلميّة، لم تستطع بالعكس أن تتطوّر إلا بارتكازها على عقل لا يأخذ بالاعتبار الاعتقادات الدينية وذلك في جميع المجالات التي استطاع اكتساحها شيئا فشيئا: الطبيعة الجامدة والكائنات الحية ثمّ الإنسان.

وقد وجدت هذه الثقافة العلمية في كلّ مرّة معارضة من قبل الدّين : فأُدِينَ "غاليلي" لأنّه ناقض مركزية الإنسان في الكون كما ذ ُكرت في التوراة، وكذلك "داروين" لأنه أثبت نظرية التطوّر ضدّ فكرة الخلق – ولم تعترف الكنيسة جزئيا بهذه النظرية إلا مؤخّرا (مُقصية منها الفكر الإنسانيّ) وأخيرا لا يمكن القول إنّ الاكتشاف الفرويديّ للاوعي وللأهمية التي تأخذها الجنسانية في بناء الشخصية الفردية للإنسان كان مُدرجا في الانتروبولوجيا المسيحيّة الرسمية! من وجهة النظر هذه، وعلى العكس ممّا ذهب إليه البابا تشكّل الفلسفة الوضعيّة الصّارمة، بنتائجها الفلسفية المادّيّة، الشرط المطلق لتجلـّي العقل العلميّ في مشروعه الساعي لمعرفة العالم.

ثم إنّ ادّعاءه من ناحية ثانية بأنّه لا توجد "ثقافة حقيقية" إلا إذا كانت مقامة على البحث عن الله، يضاهي الخلط بين رغبة مُرفقةٍ بحكم قيميّ ذاتيّ ومنحاز وبين الإدراك النظريّ الذكيّ لِمَا هي الثقافة منذ قرون ولِمَا ستتواصل أن تكون في المستقبل، وهو أمر نستغرب أن يتجاهله أو يعتـّم عليه فكر من مستوى فكر البابا. هنا تلعب الثقافة بالنسبة للإنسان دورا يجعله يفكّر في وضعه البشريّ، بقطع النظر عن الفروق التي تفصل بين الناس، ويجعله ينفتح على الكون الذي تشكّله ثوابت ذاك الوضع: الحياة و الموت والزمن والحرية...الخ. إن تعدّد الإجابات عن هذه التساؤلات الفلسفية هي التي تجعل قيمة هذه الثقافة لا تقدر بثمن.

الشمولية الإيديولوجية

إن وُجهة النظر الدينية ( والأمر لا يقتصر هنا على الكاثوليكية وحدها) تنتمي - من خلال قِيمها الخاصّة - إلى الثقافة. فهي ساهمت تاريخيا في إثرائها، حتى ولو كان عليها أن تخضع لاختبار العقل النقدي مثل كلّ التمثّلات الفكريّة (الأخرى). غير أنّ اختزال الثقافة في وجهة النظر الدينية فحسب، كما يفعل "بندكت السادس عشر"، أو إخضاع التفكير الإنسانيّ لما يبقى اعتقادا بين اعتقادات أخرى، لا شيء يضمن دوامه - فضلا عن ذلك، يساوي أن نفرض على هذه الثقافة معيارا مسبقا وأن نقيّد من حريتها كما من طموحها : إنّ الشمولية الإيديولوجية ليست بعيدة عنّا هنا وقد عزّزها مع الأسف التاريخ الرسميّ للكنيسة، من محاكم التفتيش إلى التدخلات الزجريّة في ميادين الفنون.
وهناك ثالثا وأخيرا تلك الفكرة الأولية – ولكنّها في الحقيقة جوهريّة – التي تعرّف قالب الالتزام الدينيّ كما يحاول البابا رفعه إلى أقصى حدوده : أي ذلك التأكيد الأخلاقيّ أو الوجودي الجليّ بأنّ الحياة الحقيقية توجد في البحث عن الله وفي الإيمان نفسه وفي أن"لا شيء ثابت ومضمون غير ذلك".
بالنسبة لمن قرأ "نيتشه" وفهمه، ولكن أيضا "ماركس" أو "فورباخ" لا يعني هذا إلا شيئا واحدا، ألا وهو أنّ الدين يتأسّس على نكران للحياة الأرضية أو تحقير لها ولرغباتها وملذّاتها، وإذن للأشكال الوحيدة للسّعادة التي يستطيع أن يثق بها عقل نيّر ويؤكّد بالتالي على أهميتها. إنها قوة العدم التي تطلب منا استباق الموت في الحياة والتضحية بهذه الأخيرة في سبيل آخرة بعيدة الاحتمال.

ونتيجة لذلك، فإنّ تصريحات الناطق الرسميّ باسم الكنيسة الكاثوليكية حول الإنسان والإنسانية تصبح طنطنة جوفاء: فما عسى أن تكون نزعة ٌ إنسانية لا تبدأ بالاهتمام بالوضع الملموس للبشر في هذه الدنيا ؟ يتموضع البابا، على هذا المستوى، من منطلق منشور أصدره حول الرجاء، ذلك المنشور الذي تجادل فيه مع النزعة الإنسانية الإلحادية التي ظهرت في القرن التاسع عشر وعاصرت انبثاق العلوم الإنسانية، ساعية إلى إعادة مركزة الإنسان حول نفسه وإعانته على أنسنة ظروف عيشه. هذا الإعلان الإيمانيّ المرتاب تجاه قوى الإنسان وقيمة وجوده الأرضيّ هو مؤسف حسب رأيي...لأنه عامل بؤس حقيقيّ، فهو يمنع الإنسان من تحسين حياته بالتأثير فيها وعليها فعليا وواقعيا.
ولا يجوز بالطبع احتقار أولائك الذين ليسوا راضين عن الوضع البشريّ ويكرسون حياتهم لإيجاد مخرج للخلاص. لكن، أن نحرّضهم على ذلك وهم يرزحون تحت وطأة سلطة عقائديّة مؤسّسية، يعني أن نصرف أنظارهم عن الجهد الذي بذله العقل الفلسفيّ والعلميّ والتقنيّ والسياسيّ لألف سنة خلت من أجل المساهمة في سعادة الإنسان الآن وهنا. إنّ ذلك يعني المخاطرة بمزيد من الشقاء الحقيقيّ للإنسانية، تحت غطاء الأمل في سعادة أفضل. ليس هناك تقدّميّ واحد يقبل بهذا الأمر.

إيفن كينيو ( Yvon Quiniou )
أستاذ مبرّز في الفلسفة وعضو في هيئة تحرير مجلة " أكتوال ماركس"- « Actuel Marx »
نشر المقال بجريدة "لو مند" الفرنسية بتاريخ 20- 09- 2008
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://bdss.yoo7.com
 
البابا ضد العلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحركة البادسية  :: المنتدى العلمي :: قسم الفلسفة-
انتقل الى: